

- الجمعة ٠٧ مايو ٢٠٢٥
- تجارب وقصص حقيقية
من التحدي إلى الريادة: كيف ضاعفت درر الفارابي مبيعاتها 53 مرة؟
قصة نجاح درر الفارابي: من مليون إلى ثلاثة وخمسين مليوناً في عامين بفضل الله ثم استراتيجيات جوجان
بسم الله الرحمن الرحيم
“قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ” (سورة طه: 46
صدق الله العظيم. بهذه الكلمات الربانية التي بعثت الطمأنينة في قلبي نبي الله موسى وهارون عليهما السلام، نبدأ سرد حكاية شركة “درر الفارابي”، وهي قصة تجسد كيف يمكن للخوف أن يتبدد، وكيف للإرادة المصحوبة بالتخطيط السليم والاستشارة الحكيمة أن تحول الشركات الصغيرة إلى كيانات تنافسية عملاقة. إنها رحلة بدأت في عام 2003 ميلادية، حيث كانت “درر الفارابي” شركة ناشئة تعمل في مجال التوريدات الطبية، برأس مال متواضع ومبيعات سنوية لا تتجاوز المليون ريال سعودي. لكن في غضون عامين فقط، وبفضل الله أولاً ثم بالشراكة الاستراتيجية مع شركة “جوجان” للاستشارات (googan.co)، قفزت مبيعاتها بشكل أسطوري لتصل إلى ثلاثة وخمسين مليون ريال، في شهادة حية على أن المستحيل يصبح ممكناً عندما تجتمع الرؤية مع الخبرة.
بداية التحدي: الخوف من النمو وطموح يلامس السحاب
في مطلع الألفية الثالثة، كان سوق التوريدات الطبية في المملكة العربية السعودية يشهد نمواً واعداً، لكن المنافسة فيه كانت شرسة، واللاعبون الكبار يسيطرون على حصص الأسد. في هذا المشهد، كانت “درر الفارابي” تبحر بسفينتها الصغيرة، تحاول جاهدة أن تجد لها موطئ قدم ثابت. كان لدى ملاك الشركة طموح كبير، لكن هذا الطموح كان مكبلاً بحذر شديد، وربما بخوف طبيعي من المجازفة في مشاريع كبيرة قد تبتلع مواردهم المحدودة. كانت فكرة التوسع، ودخول منافسات ضخمة، أو حتى الحصول على تسهيلات ائتمانية كبيرة تبدو وكأنها حلم بعيد المنال، محفوف بالمخاطر.
كانت الشركة تمتلك منتجات جيدة وفريق عمل مخلص، لكنها كانت تفتقر إلى الاستراتيجية الشاملة التي تمكنها من تحقيق قفزة نوعية. كيف يمكن لشركة بمبيعات مليون ريال أن تنافس في عطاءات تتطلب ضمانات مالية ضخمة وقدرة توريد تفوق طاقتها الحالية؟ كيف يمكن إقناع الموردين الكبار بمنحهم تسهيلات ائتمانية وهم لا يزالون في بداية الطريق؟ وكيف يمكن بناء استراتيجية تسويقية فعالة تصل بهم إلى شرائح جديدة من العملاء دون إنفاق مبالغ طائلة قد لا يتحملونها؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت تؤرق إدارة “درر الفارابي”، وكان الخوف من الفشل يقف عائقاً أمام تحقيق إمكاناتهم الكاملة.
نقطة التحول: الاستعانة بخبرة “جوجان”
“فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (سورة النحل: 43). إيماناً بهذه الآية الكريمة، وبأهمية الاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص، قررت إدارة “درر الفارابي” البحث عن شريك استشاري يمكنه أن يرسم لهم خارطة طريق واضحة نحو النمو. وقع اختيارهم على شركة “جوجان” (googan.co)، المعروفة بخبرتها العميقة في تقديم الاستشارات المالية والإدارية، وبسجلها الحافل في مساعدة الشركات على تجاوز التحديات وتحقيق أهدافها الطموحة.
كان اللقاء الأول بين فريق “درر الفارابي” وخبراء “جوجان” بمثابة الشرارة الأولى لرحلة التحول. استمع مستشارو “جوجان” بعناية فائقة إلى تطلعات ملاك الشركة ومخاوفهم. لم يكن الهدف مجرد تقديم حلول جاهزة، بل كان فهماً عميقاً لواقع الشركة، وإمكاناتها، والتحديات الخاصة التي تواجهها. كان من الواضح أن التحدي الأكبر ليس فقط في الجوانب التشغيلية أو التسويقية، بل في الجانب النفسي أيضاً، وهو إزالة حاجز الخوف لدى المستثمرين وتمكينهم من اتخاذ قرارات جريئة ومدروسة.
بدأ فريق “جوجان” عمله بإجراء دراسة مشروع شاملة لوضع “درر الفارابي”. شملت هذه الدراسة تحليلاً دقيقاً للوضع المالي للشركة، وهيكلها الإداري، وعملياتها التشغيلية، وقدراتها التنافسية. كما تم إجراء دراسة تفاصيل المشاريع المحتملة التي يمكن للشركة الدخول فيها، وتقييم المخاطر والفرص المرتبطة بكل منها.
بناء الأساس المتين: تقوية الجانب المالي والإداري
كانت أولى توصيات “جوجان” هي التركيز على تقوية البنية الداخلية لـ“درر الفارابي”. فبدون أساس مالي وإداري متين، لا يمكن لأي استراتيجية تسويقية أن تؤتي ثمارها المرجوة. عمل خبراء “جوجان” جنباً إلى جنب مع فريق “درر الفارابي” على عدة محاور رئيسية:
- التخطيط المالي والإداري الجيد: تم وضع خطط مالية دقيقة، تضمنت ميزانيات تقديرية، وتحليلاً للتدفقات النقدية، وتحديداً لنقاط التعادل. كما تم تطوير الهيكل الإداري بما يتناسب مع طموحات النمو المستقبلية، مع الحفاظ على الكادر نفسه في البداية لضمان الاستقرار وتراكم الخبرات، وهو ما أتاح لاحقاً مزيداً من التقدم بسلاسة.
- إدارة المخاوف وتعزيز الثقة: لعب مستشارو “جوجان” دوراً محورياً في تبديد مخاوف المالكين. من خلال تقديم تحليلات واقعية مدعومة بالأرقام، وعرض سيناريوهات مختلفة للنمو، تمكنوا من بناء جسر من الثقة، وإقناع المستثمرين بأن الدخول في مشاريع أكبر ليس مجرد مخاطرة، بل هو فرصة حقيقية للنمو إذا ما تم التخطيط له بعناية.
- تحسين العلاقات مع الموردين الخارجيين: كان الحصول على شروط توريد أفضل وتسهيلات في الدفع أمراً حيوياً لتعزيز القدرة التنافسية لـ“درر الفارابي”. قامت “جوجان” بمساعدة الشركة في إعادة التفاوض مع الموردين، وبناء علاقات استراتيجية معهم. كان أبرز ما تم إنجازه في هذا الصدد هو عمل نظام ائتماني لتسهيل المهمة والدفع بعد التوريد. هذا النظام المبتكر أتاح لـ“درر الفارابي” سيولة نقدية أكبر، ومكنها من تلبية طلبات العملاء الكبيرة دون الحاجة إلى تجميد رأس مال كبير في المخزون أو الدفعات المقدمة للموردين. هذه القوة في السيولة أتاحت فرصة حقيقية للشركة للتنافس والتقدم في مجال عملها.
- استراتيجية تسويقية مبنية على أسس التخطيط الاستراتيجي: لم تكن الخطة مجرد أفكار عشوائية، بل كانت مبنية على تحليل دقيق للسوق والمنافسين والعملاء المستهدفين. تم تحديد نقاط القوة التي يمكن لـ“درر الفارابي” أن تنافس من خلالها، والفرص المتاحة في السوق التي لم تستغل بعد.
- عدم زيادة الأعباء المالية: ركزت الاستراتيجية على الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة، واستخدام قنوات تسويقية منخفضة التكلفة وعالية التأثير. تم تجنب الحملات الإعلانية الباهظة، والتركيز بدلاً من ذلك على بناء سمعة قوية من خلال جودة الخدمة، والالتزام بالمواعيد، وتقديم حلول مبتكرة للعملاء.
- الدخول في منافسات كبيرة الحجم: بفضل التسهيلات الائتمانية التي تم تأمينها، والثقة التي اكتسبتها الشركة، أصبح بإمكان “درر الفارابي” الدخول في مناقصات وعطاءات حكومية وخاصة كبيرة لم يسبق لها الدخول فيها. كانت هذه خطوة جريئة، لكنها كانت محسوبة بدقة، وساهمت بشكل مباشر في مضاعفة حجم المبيعات.
الانطلاق نحو القمة: استراتيجيات تسويقية مبتكرة
بعد أن تم بناء الأساس المالي والإداري القوي، جاء الدور على بناء خطة استراتيجية تسويقية طموحة وفعالة. كان التحدي هنا هو كيفية زيادة المبيعات بشكل كبير دون تحميل الشركة أعباء مالية إضافية قد ترهق ميزانيتها. وهنا برعت “جوجان” في تقديم حلول مبتكرة:
كانت الاستراتيجيات التسويقية القوية التي وضعتها “جوجان” بمثابة المحرك الذي دفع “درر الفارابي” إلى الأمام بسرعة مذهلة. زادت حصة الشركة في السوق، وتوسعت قاعدة عملائها، وأصبحت اسماً معروفاً وموثوقاً في قطاع التوريدات الطبية.
الحصاد: من مليون إلى ثلاثة وخمسين مليوناً
“وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ” (سورة النجم: 39-41.
خلال عامين فقط، من 2003 إلى 2005، تحققت المعجزة. قفزت مبيعات “درر الفارابي” من مليون ريال إلى ثلاثة وخمسين مليون ريال. لم يكن هذا مجرد رقم، بل كان دليلاً قاطعاً على نجاح الاستراتيجية، وعلى قوة الإرادة، وعلى أهمية الاستشارة الحكيمة. لقد أثبتت “درر الفارابي” أن الشركات الصغيرة يمكنها أن تحقق أحلاماً كبيرة إذا ما توكلت على الله، وأخذت بالأسباب، واستعانت بأهل الخبرة.
إن قصة “درر الفارابي” هي مصدر إلهام لكل رواد الأعمال الذين يبدأون من الصفر أو يواجهون تحديات كبيرة. إنها تذكرنا بأن الخوف يمكن التغلب عليه، وأن الفرص متاحة لمن يبحث عنها بجد واجتهاد. وبفضل شراكتها الاستراتيجية مع “جوجان” (googan.co)، لم تتمكن “درر الفارابي” من تحقيق نمو هائل في المبيعات فحسب، بل بنت أيضاً أساساً قوياً لمستقبل أكثر إشراقاً ونجاحاً. ومع الحفاظ بداية على الكادر نفسه، تمكنت الشركة من مراكمة الخبرات وتطوير كوادرها، مما سهل المزيد من التقدم والتوسع في السنوات اللاحقة.
إنها قصة تؤكد أن النجاح ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج توفيق من الله، ثم تخطيط سليم، وعمل دؤوب، واستشارة من هم أهل لها. وكما بدأت “درر الفارابي” رحلتها بتحديات ومخاوف، فإنها اليوم تقف شامخة، شاهدة على أن الإرادة تصنع المعجزات، وأن الاستثمار في الخبرة هو أفضل استثمار نحو المستقبل.